للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البصائر فيه تأمُّلًا وتفكيرًا (١) زادها هدايةً وتبصيرًا (٢). وكلّما بجَسَتْ مَعينَه فجَّر لها ينابيع الحكمة تفجيرًا. فهو نور البصائر من عماها (٣)، وشفاء الصُّدور من أدوائها وجواها؛ وحياة القلوب، ولذّة النُّفوس، ورياض القلوب، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، والمنادي بالمساء والصّباح: يا أهل الفلاح، حيَّ على الفلاح.

نادى به منادي الإيمان على رأس الصِّراط (٤) المستقيم: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: ٣١]. أسمَعَ واللهِ لو صادف آذانًا واعيةً، وبصَّر لو صادف قلوبًا من الفساد خاليةً. لكن عصفت على القلوب هذه الأهواء، فأطفأت مصابيحَها. وتمكّنت منها آراء الرِّجال، فأغلقت أبوابَ رشدها، وأضاعت مفاتيحَها (٥). وران عليها كسبُها، فلم تجد حقائقُ القرآن فيها منفذًا. وتحكّمت فيها أسقامُ الجهل، فلم تنتفع معها بصالح الغِذا.

واعجبًا لها! جعلت غذاءها من هذه الآراء التي لا تُسْمِن ولا تُغني من جوعٍ، ولم تقبل الاغتذاء (٦) بكلام ربِّ العالمين، ونصِّ نبيِّه المرفوع! سبحان الله! كيف اهتدت في ظُلَم الآراء إلى التّمييز بين الخطأ والصّواب،


(١) ما عدا ق، ش: "تفكرا".
(٢) ل، ج، ع: "تبصرا".
(٣) م: "عن عماها". ج، ع: "من عمائها".
(٤) ج: "السراط".
(٥) العبارة: "وتمكنت منها ... مفاتيحها" ساقطة من ع.
(٦) ج، ع: "الغذاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>