للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصحُّ شيءٌ منها بدونه البتَّة.

التاسع والأربعون: أنَّ الرِّضا يقوم له مقام كثيرٍ من أنواع التعبُّدات التي تشقُّ على البدن، فيكون رضاه أسهل عليه، وألذَّ له، وأرفع في درجته.

وقد ذُكر في أثرٍ إسرائيليٍّ: أن عابدًا عبد الله دهرًا طويلًا، فأري في المنام: أنَّ فلانة الراعية رفيقتك في الجنَّة، فسأل عنها إلى أن وجدها، فاستضافها ثلاثًا ينظر إلى عملها، وكان يبيت قائمًا وتبيت نائمةً، ويظلُّ صائمًا وتظلُّ مفطرةً. فقال: أما لكِ عملٌ غير ما رأيت؟ قالت: ما هو والله غير ما رأيت (١)، لا أعرف غيره. فلم يزل يقول: تذكَّري، حتّى قالت: خُصَيلةٌ واحدةٌ هي فيَّ (٢): إن كنت في شدَّةٍ لم أتمنَّ أنِّي في الرخاء، وإن كنت في مرضٍ لم أتمنَّ أنِّي في صحَّةٍ، وإن كنت في شمسٍ لم أتمنَّ أنِّي في الظِّلِّ. قال: فوضع العابد يده على رأسه وقال: أهذه خُصيلة؟ هذه والله خصلةٌ عظيمةٌ يَعجِز عنها العبَّاد (٣).

وقد روي عن ابن مسعود: من رضي بما نزل من السماء إلى الأرض غفر له (٤).


(١) زاد في ع: «أو قالت: إلا ما رأيت».
(٢) زاد في ع: «وذلك أنِّي».
(٣) أسنده أبو نعيم (٨/ ١٩٣) عن عبد العزيز بن أبي روَّاد ــ من أتباع التابعين ــ بلاغًا. وذكره أبو طالب في «قوت القلوب» (٢/ ٣٩) ثم الغزالي في «الإحياء» (٤/ ٣٤٦).
(٤) «قوت القلوب» (٢/ ٣٩)، والمؤلف صادر عنه. وأخرجه هبة الله الطبري في «شرح السنة» (١٧٠٥) وأبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٢٤٩) والبيهقي في «الزهد الكبير» (٨٢٦) بنحوه، وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>