للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السخط حتى يلقاني (١).

الثاني والخمسون: أنَّ أفضل الأحوال الرغبةُ في الله ولوازمُها، وذلك لا يتمُّ إلا باليقين والرِّضا عن الله. ولهذا قال سهلٌ: حظُّ الخلق من اليقين على قدر حظِّهم من الرِّضا، وحظُّهم من الرِّضا على قدر رغبتهم في الله (٢).

الثالث والخمسون: أنّ الرِّضا يخلِّصه من عيب ما لم يَعِبْه الله، ومِن ذمِّ ما لم يذمَّه. فإنَّ العبد إذا لم يرض بالشيء عابه بأنواع المعايب وذمَّه بأنواع الذم، وذلك قلَّة حياءٍ من الله، وذمٌّ لما لا ذنب له، وعيبٌ لخلقه؛ وذلك يُسقط العبدَ من عينه. ولو أنَّ رجلًا صنع لك طعامًا وقدَّمه إليك فعِبتَه وذممته، لكنت متعرِّضًا لمقته وإهانته، ومستدعيًا منه أن يقطع ذلك عنك. وقد قال بعض العارفين: إنَّ ذمَّ المصنوع وعيبَه إذا لم يذمَّه صانعه غيبةٌ له وقدحٌ فيه (٣).

الرابع والخمسون: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل الله الرِّضا بالقضاء، كما في «المسند» و «السُّنن» (٤): «اللهمَّ بعلمك الغيبَ، وقدرتك على الخلق، أحيني


(١) ملفَّق من أثرين متتابعين في «قوت القلوب» (٢/ ٤١). وقوله: «حتى يلقاني»، كذا في النسخ في الموضعين، ولفظ مطبوعة المصدر: «حين يلقاني».
(٢) «قوت القلوب» (٢/ ٤١).
(٣) «قوت القلوب» (٢/ ٤٢).
(٤) «مسند أحمد» (١٨٣٢٥) ــ وليس فيه موضع الشاهد ــ و «سنن النسائي» (١٣٠٥، ١٣٠٦)، أخرجه أيضًا أبو يعلى (١٦٢٤) وابن حبّان (١٩٧١) والحاكم (١/ ٥٢٤) وغيرهم من حديث عمَّار بن ياسر - رضي الله عنه -، وهو حديث صحيح.
وموضع الشاهد فيه: «وأسألك الرِّضا بعد القضاء» قد ورد في بعض الروايات بلفظ: «الرِّضا بالقضاء»، والأول أصحُّ. وقد روي موضع الشاهد أيضًا من حديث فَضالة بن عبيد في «السنة» لابن أبي عاصم (٤٣٦) و «المعجم الكبير» للطبراني (١٨/ ٣١٩) و «الأوسط» له (٦٠٩١)، وإسناده جيِّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>