للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأغراضه وحظوظه العاجلة. وأمَّا إذا ألحَّ على الله في سؤاله ما فيه رضاه والقرب منه، فإنّ ذلك لا يقدح في مقام الرِّضا أصلًا.

وفي الأثر: «إنَّ الله يحبُّ المُلحِّين في الدعاء» (١).

وقال أبو بكرٍ الصدِّيق للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: يا رسول الله، قد ألححتَ على ربِّك، كفاك بعض مناشدتك لربِّك (٢). فهذا الإلحاح عين العبوديَّة.

وفي «سنن ابن ماجه» (٣) من حديث أبي صالحٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يسأل الله يغضب عليه».

فإذا كان سؤاله يُرضيه لم يكن الإلحاح فيه منافيًا لرضاه، وحقيقة الرِّضا: موافقته سبحانه في رضاه. بل الذي ينافي الرِّضا: أنه يلحُّ عليه متحكِّمًا عليه، متخيِّرًا عليه (٤) ما لا يعلم هل يرضيه أم لا؟ كمن يلحُّ على ربِّه في ولاية


(١) روي عن عائشة مرفوعًا، ولا يصحُّ. أخرجه الفارسي في «المعرفة والتأريخ» (٢/ ٤٣١) والعُقيلي في «الضعفاء» (٦/ ٤٣٧) والطبراني في «الدعاء» (٢٠) وابن عدي في «الكامل» (١٠/ ٤٥٣) والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٠٦٩) والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٠٧٣) من طرق عن بقية بن الوليد عن يوسف بن السَّفْر ــ صرَّح به بقيةُ في بعض الطرق ودلَّسه في أخرى ــ عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة. إسناده واهٍ بمرة، يوسف بن السفر متروك منكر الحديث، بل متَّهم بالوضع. انظر: «العلل» لابن أبي حاتم (٢٠٨٧) و «الضعيفة» (٦٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٩١٥) ــ وفيه موضع الشاهد ــ ومسلم (١٧٦٣) من حديث ابن عباس بنحوه.
(٣) برقم (٣٨٢٧)، وأبو صالح هذا ليس السمَّان الزيَّات، صاحب أبي هريرة الثبت، وإنما هو الخُوزي، وفيه لين كما سبق بيانه (ص ٢٨٠).
(٤) «متخيرا عليه» سقط من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>