للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: هذه الآية فيها قولان للناس:

أحدهما: أنَّه قربه بعلمه، ولهذا قرَنَه بعلمه (١). وحبل الوريد هو حبل العنق: عرقٌ بين الحلقوم والودجين، متى قُطع مات صاحبه. وأجزاء القلب وهذا الحبل يحجب بعضها بعضًا، وعلمُ الله بأسرار العبد وما في ضميره لا يحجبه شيء.

والقول الثاني: أنَّه قربه من العبد بملائكته الذين يصلون إلى قلبه، فتكون (٢) أقرب إليه من ذلك العرق. اختاره شيخنا (٣)، وسمعتُه يقول: هذا مثل قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: ٣]، وقولِه: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨]، فإنَّ جبريل عليه السَّلام هو الذي قصَّه عليه بأمر الله، فنسب تعليمه إليه إذ هو بأمره، وكذلك جبريل هو الذي قرأه عليه كما في «صحيح البخاري» (٤) عن ابن عبَّاس في تفسير هذه الآية: فإذا قرأه رسولُنا فأنصت لقراءته حتَّى يقضيها.

قلت له: فأوَّل الآية يأبى ذلك، قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦]. فقال: وكذلك خلقه الإنسانَ إنَّما هو بالأسباب وتخليق الملائكة.

قلت: وفي «صحيح مسلم» (٥) من حديث حذيفة بن أسيدٍ - رضي الله عنه - في


(١) زاد في ع: «بوسوسة نفس الإنسان».
(٢) ع: «فيكونون».
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ١٢٨ - ١٢٩، ٢٣٣ - ٢٣٦، ٥٠٢ - ٥٠٧).
(٤) برقم (٥، ٤٩٤٩، ٧٥٢٤) بمعناه. وأخرجه مسلم (٤٤٨) أيضًا.
(٥) برقم (٢٦٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>