للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما لعلَّهم في الأحيان (١) إليه أحوجُ ممّا سألوه عنه.

وكانوا إذا سألوه عن الحكم نبَّهَهم على علّته وحكمته، كما سألوه عن بيع الرُّطَب بالتّمر؟ فقال: «أيَنقُصُ الرُّطَب إذا جَفَّ؟»، قالوا: نعم. قال (٢): «فلا إذَنْ» (٣). ولم يكن يخفى عليه - صلى الله عليه وسلم - نقصان الرُّطب بجفافه، ولكن نبَّههم على علّة الحكم. وهذا كثيرٌ جدًّا في أجوبته - صلى الله عليه وسلم -، مثل قوله: «إن بِعتَ من أخيك ثَمَرًا فأصابتْها جائحةٌ، فلا يحلُّ لك أن تأخذ من مال أخيك شيئًا، بِمَ يأخذُ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟» (٤). وفي لفظٍ: «أرأيتَ إن منعَ الله الثّمرة بِمَ يأخذ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟» (٥)، فصرّح بالعلّة التي يَحرُم لأجلها إلزامُه بالثّمن، وهي منعُ اللهِ الثّمرة الذي (٦) ليس للمشتري فيه صنعٌ.

وكان خصومه (٧) يعيبونه بذلك، ويقولون: يسأله السّائل عن طريق مصر مثلًا، فيذكر له معها طريق مكّة والمدينة وخراسان والعراق والهند، وأيُّ حاجةٍ بالسّائل إلى ذلك؟


(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «في بعض الأحيان». ولا داعي للزيادة.
(٢) ل: «فقالوا: نعم، فقال».
(٣) أخرجه أحمد (١٥١٥)، وأبو داود (٣٣٥٩)، والترمذي (١٢٢٥)، والنسائي (٤٥٤٥)، وابن ماجه (٢٢٦٤) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -. وصححه الترمذي وابن حبان (١٩٠٧، ٥٦١٦) والحاكم (٢/ ٣٨، ٣٩).
(٤) أخرجه مسلم (١٥٥٤) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(٥) أخرجه البخاري (٢١٩٨)، ومسلم (١٥٥٥) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٦) ل: «التي». والمثبت من النسخ الأخرى، و «الذي» صلة للمنع.
(٧) يعني شيخ الإسلام ابن تيمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>