للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومفارقتِه، وتحمله على كظْم الغيظ (١) والحِلم، فإنّه بقوّة نفسه وشجاعتها أمسكَ عِنانَها، وكبَحَها بلجامها عن التسرُّع والبَطْش، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشّديدُ بالصُّرَعة، إنّما الشّديد الذي يملك نفسَه عند الغضب» (٢). وهذه حقيقة الشّجاعة، وهي ملكةٌ يقتدر بها على قَهْر (٣) خصمه.

والعدل: يحمله على اعتدال أخلاقه، وتوسُّطِه فيها بين طرفَي الإفراط والتّفريط، فيحمله على خُلُق الجود والسّخاء الذي هو توسُّطٌ بين الإمساك والإسراف والتبذير، وعلى خُلق الحياء الذي هو توسُّطٌ بين الذُّلِّ والقِحَة، وعلى خُلق الشّجاعة الذي هو توسُّطٌ بين الجُبْن والتّهوُّر، وعلى خُلق الحِلم الذي هو توسُّطٌ بين الغضب والمَهانة وسقوط النّفس.

ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة (٤).

ومنشأ جميع الأخلاق السّافلة وبناؤها على أربعة أركانٍ: الجهل، والظُّلم، والشّهوة، والغضب.

فالجهل: يُرِيه الحَسنَ في صورة القبيح، والقبيحَ في صورة الحسن، والكمالَ نقصًا والنّقصَ كمالًا.

والظُّلم: يحمله على وضع الشّيء في غير موضعه، فيغضب في موضع


(١) ل: «كضم الغيض».
(٢) أخرجه البخاري (٦١١٤) ومسلم (٢٦٠٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) ش، د: «قصر».
(٤) تكلم بعض العلماء في أصول الأخلاق الفاضلة والسافلة، انظر: «تهذيب الأخلاق» لمسكويه (ص ٢٥ وما بعدها)، و «إحياء علوم الدين» (٣/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>