للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يُمكِن أن يقع كسبيًّا بالتّخلُّق والتّكلُّف، حتّى يصيرَ له سَجِيّةً ومَلَكةً، وقد قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأشجِّ عبد القيس: «إن فيك لخُلُقَينِ يحبُّهما الله: الحلم والأناة». فقال: أخُلقينِ تخلّقتُ بهما أم جَبلنَي الله عليهما؟ فقال: «بل جَبَلَك الله (١) عليهما». فقال: الحمد لله الذي جَبَلَني على خُلقينِ يُحِبُّهما الله ورسوله (٢). فدلّ على أنّ من الخلق ما هو طبيعةٌ وجِبِلَّةٌ، وما هو مكتسَبٌ.

وكان النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعاء الاستفتاح: «اللهمّ اهْدِني لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلّا أنت، واصرِفْ عنِّي سيِّئ الأخلاق، لا يَصرِف عنِّي سيِّئها إلّا أنت» (٣). فذكر الكسب والقَدَر.

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٤): (الخُلُق: ما يرجع إليه المتكلِّفُ من نَعْتِه).

أي: خُلُق كلِّ متكلِّفٍ فهو ما اشتملتْ عليه نعوتُه، فتكلُّفه يردُّه إلى


(١) كلمة الجلالة ليست في د.
(٢) أخرجه أبو داود (٥٢٢٥)، وأحمد (٣٩/ ٤٩٠)، والبزار (٢٧٤٦ - كشف الأستار)، والطبراني في «الكبير» (٥٣١٣)، والبيهقي في «السنن» (٧/ ١٠٢) وفي «دلائل النبوة» (٥/ ٣٢٧، ٣٢٨) من طريقين عن مطر بن عبد الرحمن الأعنق عن أم أبان بنت الوازع عن جدّها زارع به. وإسناده حسن في الشواهد. وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٥٨٤)، وأحمد (١٧٨٢٨)، وابن حبان (٧٢٠٣) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن الأشج العصري. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٩/ ٣٨٧، ٣٨٨): رجاله رجال الصحيح إلا أن أبي بكرة لم يدرك الأشج. وأصل الحديث عند مسلم (١٨) دون السؤال والجواب.
(٣) أخرجه مسلم (٧٧١) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٤) (ص ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>