للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعرفُ الخلق بربِّه عن هذا بقوله: «والشّرُّ ليس إليك» (١)، أي: لا يُضاف إليك، ولا يُنسَب إليك، ولا يَصدُر منك. فإنّ أسماءه كلَّها حسنى، وصفاته كلّها كمالٌ، وأفعاله كلّها فضلٌ وعدلٌ، وحكمةٌ ورحمةٌ ومصلحةٌ. فبأيِّ وجهٍ يُنسَب الشّرُّ إليه سبحانه وتعالى؟ فكلُّ ما يأتي منه فله عليه الحمد والشُّكر، وله فيه النِّعمة والفضل.

قوله: (وأن لا ترى له من الوفاء بدًّا)، يعني: أنّ معاملتك للحقِّ سبحانه بمقتضى (٢) الاعتذارِ من كلِّ ما منك، والشُّكرِ على ما منه= عقدٌ مع الله تعالى لازمٌ لك أبدًا، لا ترى من الوفاء به لله بدًّا. فليس ذلك بأمرٍ عارضٍ وحالٍ يَحُول، بل عقدٌ لازمٌ عليك الوفاء به إلى يوم لقائه.

فصل

قال (٣): (الدّرجة الثّالثة: التّخلُّق (٤) بتصفية الخلق، ثمّ الصُّعود عن تفرقة التّخلُّق، ثمّ التّخلُّق بمجاوزة الأخلاق).

هذه الدّرجة تتضمن ثلاثة أشياء:

أحدها: تصفية الخُلُق بتكميل ما ذكر في الدّرجتين قبله، فتُصفِّيه من كلِّ شائبةٍ وقذًى ومُشوِّشٍ.


(١) ضمن دعائه المشهور الذي أخرجه مسلم (٧٧١) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٢) ل: «تقتضي».
(٣) «المنازل» (ص ٤٦).
(٤) ش، د: «التخلص»، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>