للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الدّقّاق - رحمه الله -: هذا الخُلق لا يكون كماله إلّا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنّ كلّ أحدٍ يقول يوم القيامة: نفسي نفسي، وهو يقول: «أمّتي أمّتي» (١).

وقيل: الفتوّة: كَسْر الصّنم الذي بينك وبين الله تعالى، وهو نفسك (٢)، فإنّ الله حكى عن خليله إبراهيم أنّه جعل الأصنام جُذَاذًا (٣). فكسر الأصنام له. فالفتى من كسرَ صنمًا واحدًا في الله (٤).

وقيل: الفتوّة أن لا تكون خصمًا لأحدٍ (٥)، يعني في حظِّ نفسك. وأمّا في حقِّ الله، فالفتوّة: أن تكون خصمًا لكلِّ أحدٍ ولو كان الحبيبَ المصافيا.

وقال التِّرمذيُّ - رحمه الله -: الفتوّة أن يستوي عندك المقيم والطّارئ (٦).

وقال بعضهم: الفتوّة أن لا يُميِّز بين أن يأكل عنده وليٌّ أو كافرٌ (٧).

وقال الجنيد - رحمه الله -: الفتوّة كفُّ الأذى وبذل النّدى (٨).


(١) المصدر نفسه (ص ٥٠٦). وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ضمن حديث الشفاعة الطويل الذي أخرجه البخاري (٧٥١٠) ومسلم (١٩٣) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) «وهو نفسك» ليست في ش، د.
(٣) كما في سورة الأنبياء: ٥٨.
(٤) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٠٧). وانظر: «روضة المحبين» (ص ٦٤٣، ٦٤٤).
(٥) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٠٧).
(٦) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٠٨).
(٧) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٠٨). وفيه نظر، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامَك إلا تقيّ» أخرجه أحمد (١١٣٣٧)، وأبو داود (٤٨٣٢)، والترمذي (٢٣٩٥) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. وهو حديث حسن.
(٨) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٠٨). وانظر: «طبقات الشافعية الكبرى» (٢/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>