للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والصِّراط المستقيم هو صراط الله. وهو يخبر أنّ الصِّراط عليه سبحانه كما ذكرنا، ويخبر أنّه سبحانه على الصِّراط المستقيم. وهذا في موضعين (١) من القرآن: في هودٍ، والنّحل. قال في هودٍ: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)}. وقال في النّحل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ}.

فهذا مثلٌ ضربه الله تعالى للأصنام التي لا تسمع، ولا تنطق، ولا تعقل، وهي كَلٌّ على عابدها (٢). يحتاج الصَّنم إلى أن يحمله عابده، ويضعه (٣) ويقيمه ويخدمه. فكيف يسوُّونه في العبادة بالله الذي يأمر بالعدل والتّوحيد؟ وهو قادرٌ، متكلِّمٌ، غنيٌّ، وهو على صراطٍ مستقيمٍ في قوله وفعله. فقوله صدقٌ ورشدٌ ونصحٌ وهدًى، وفعله حكمةٌ وعدلٌ ورحمةٌ ومصلحةٌ. هذا أصحُّ الأقوال في الآية، وهو الذي لم يذكر كثيرٌ من المفسِّرين غيره. ومن ذكر غيره قدَّمه على الأقوال، ثمّ حكاها بعده كما فعل البغويُّ - رحمه الله -، فإنّه جزم به، وجعله تفسير الآية، ثمّ قال: وقال الكلبيُّ: يدلُّكم على صراطٍ مستقيمٍ (٤).


(١) ش: "الموضعين".
(٢) ش: "عابديها".
(٣) ش: "يطعمه".
(٤) "تفسير البغوي" (٥/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>