للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عفّان (١) وعثمان بن مظعونٍ.

قلت: والآية تحتمله، ولا يناقض القولين قبله، فإنّ الله على صراطٍ مستقيمٍ، ورسولُه، وأتباعُ رسوله. وضدُّ ذلك: معبود الكافر، وهاديه، والكافر: التّابع (٢) والمتبوع والمعبود. ويكون بعضُ السّلف ذكر أعلى الأنواع، وبعضهم ذكر الهادي، وبعضهم ذكر المستجيب القابل، وتكون الآية متناولةً لذلك كلِّه. ولذلك نظائر كثيرة في القرآن.

وأمّا آية هودٍ عليه السلام، فصريحةٌ لا تحتمل إلّا معنًى واحدًا، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى على صراطٍ مستقيمٍ. وهو سبحانه أحقُّ من كان على صراطٍ مستقيمٍ، فإنّ أقواله كلّها صدقٌ ورشدٌ وهدًى وعدلٌ وحكمةٌ {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} (٣) [الأنعام: ١١٥]، وأفعاله كلُّها مصالح وحِكَمٌ، ورحمةٌ وعدلٌ وخيرٌ. فالشّرُّ لا يدخل في أفعاله ولا أقواله البتة، لخروج الشرِّ عن الصِّراط المستقيم، فكيف يدخل في أفعال مَن هو على الصِّراط المستقيم أو أقواله! وإنّما يدخل في أفعال من خرج عنه وأقواله.

وفي دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لبّيك وسعديك، والخيرُ كلُّه بيديك، والشّرُّ ليس إليك" (٤). ولا يلتفت (٥) إلى تفسير من فسَّره بقوله: والشّرُّ لا يتقرَّب به


(١) "وعثمان بن عفان" ساقط من ش.
(٢) ش: "والتابع"، ويبدو أنه كان كذا في ق ثم طمس.
(٣) هكذا في جميع النسخ "كلمات" على قراءة أبي عمرو وغيره ما عدا الكوفيين من السبعة.
(٤) أخرجه مسلم (٧٧١) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٥) ش: "تلتفت".

<<  <  ج: ص:  >  >>