للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لبعض السّلف حُلّةٌ بمبلغٍ عظيمٍ من المال, وكان يلبسها وقتَ الصّلاة ويقول: ربِّي أحقُّ مَن تَجمّلتُ له في صلاتي (١).

ومعلومٌ أنّ الله يُحِبُّ أن يرى أثرَ نعمته على عبده, ولاسيّما إذا وقفَ بين يديه, فأحسن ما وقف بين يديه بملابسه ونعمته التي ألبسه إيّاها ظاهرًا وباطنًا.

ومن الأدب: نهيُ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المصلِّي أن يرفع بَصَرَه إلى السّماء (٢).

فسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة ــ قدّس الله روحه ــ يقول: هذا من كمال أدب الصّلاة: أن يقف العبد بين يدي ربِّه مُطرِقًا، خافضًا (٣) طرْفَه إلى الأرض, ولا يرفع بصرَه إلى فوق.

قال: والجهميّة ــ لمّا لم يفقهوا هذا الأدب ولا عرفوه ــ ظنُّوا أنّ هذا دليلٌ على أنّ الله ليس فوق سمواته على عرشه, كما أخبر به عن نفسه واتّفقت عليه رسله وجميع أهل السُّنّة.

قال: وهذا من جهلهم, بل هذا دليلٌ لمن عقل عن الرّسول - صلى الله عليه وسلم - على نقيض قولهم; إذ من الأدب مع الملوك: أنّ الواقف بين أيديهم يُطرِق إلى الأرض, ولا يرفع بصره إليهم. فما الظّنُّ بملك الملوك سبحانه؟


(١) نقله السفّاريني في «غذاء الألباب» (٢/ ٢٠٤) من هذا الكتاب.
(٢) كما في حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري (٧٥٠) , وحديث جابر بن سمرة عند مسلم (٤٢٨) , وحديث أبي هريرة عنده (٤٢٩).
(٣) ل: «خافظا».

<<  <  ج: ص:  >  >>