للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلبَ فيه شبهةٌ، ولا شكٌّ ولا ريبٌ، ولا تناسٍ وغفلةٌ عنه. فإنّه إن لم يستهلكْ يقينَه (١) أفسده وأضعفه.

الثّالث: الوقوف على ما قام بالحقِّ سبحانه من أسمائه وصفاته وأفعاله. وهو علم التّوحيد، الذي أساسه إثبات الأسماء والصِّفات. وضدُّه: التّعطيل والنّفي والتجهُّم. فهذا التّوحيد يقابله التّعطيل.

وأمّا التّوحيد القصديُّ الإراديُّ، الذي هو إخلاص العمل لله وعبادته وحده، فيقابله الشِّرك. والتّعطيل شرٌّ من الشِّرك، فإنّ المعطِّل جاحدٌ للذّات أو لكمالها، وهو جحدٌ لحقيقة الإلهيّة، فإنّ ذاتًا لا تسمع ولا تُبصر ولا تَتكلّم، ولا ترضى ولا تغضب، ولا تفعل (٢) شيئًا، وليست داخلَ العالم ولا خارجَه، ولا متّصلةً بالعالم ولا منفصلةً، ولا محايثةً له ولا مباينةً له، ولا مجاورةً ولا مجاوزةً، ولا فوقَ العرش ولا تحتَ العرش، ولا خلفه ولا أمامه، ولا عن يمينه ولا عن يساره= سواءٌ (٣) والعدم.

والمشرك مُقِرٌّ بالله وصفاته، لكن عبدَ معه غيره، فهو خيرٌ من المعطِّل للذّات والصِّفات.

فاليقين هو الوقوف على ما قام بالحقِّ من أسمائه وصفاته، ونعوت كماله وتوحيده. وهذه الثّلاثة أشرف علوم الخلائق: علم الأمر والنّهي، وعلم الأسماء والصِّفات والتّوحيد، وعلم المعاد واليوم الآخر.


(١) ل: «بيقينه».
(٢) ل: «ولا تعقل».
(٣) خبر «فإنّ» قبل أسطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>