للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا خسران من لَها عنه، فكقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: ٩].

وأمّا جعلُ ذكرِه لهم جزاءً لذكرهم، فكقوله: {(١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا} [البقرة: ١٥٢].

وأمّا الإخبار بأنّه أكبر من كلِّ شيءٍ، فكقوله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]. وفيها أربعة أقوالٍ (١):

أحدها: أنّ ذكر الله أكبر من كلِّ شيءٍ، فهو أفضل الطّاعات; لأنّ المقصود بالطّاعات كلِّها إقامة ذكره، فهو سرُّ الطّاعات وروحها.

الثّاني: أنّ المعنى: أنّكم إذا ذكرتموه ذكَرَكم، فكان ذِكرُه لكم أكبرَ من ذكرِكم له. فعلى هذا: المصدر مضافٌ إلى الفاعل، وعلى الأوّل: مضافٌ إلى المذكور.

الثّالث: أنّ المعنى: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه فاحشةٌ ومنكرٌ، بل إذا تمَّ الذِّكر مَحَقَ كلَّ معصيةٍ وكلَّ خطيئةٍ. هذا ما ذكره المفسِّرون.

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله - يقول: معنى الآية: أنّ في الصّلاة فائدتين عظيمتين، إحداهما: نهيها عن الفحشاء والمنكر، والثّانية: اشتمالُها على ذكر الله وتضمُّنها له، ولَمَا تضمَّنتْه (٢) مِن ذكر الله أعظمُ من نهيها عن


(١) انظر: «زاد المسير» (٦/ ٢٧٤، ٢٧٥). والمؤلف صادر عنه.
(٢) ش، د: «وما تضمنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>