للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: ليس كلُّ من أعطيته ووسّعت عليه: أكون (١) قد أكرمتُه، ولا كلُّ من ضيّقتُ عليه وقتَّرتُ: أكون (٢) قد أهنتُه. فالإكرام: أن يُكرم العبد بطاعته، والإيمان به، ومحبّته ومعرفته. والإهانة: أن يسلبه ذلك.

قال: ولا يقع التّفاضل بالغنى والفقر، بل بالتّقوى، فإن استويا في التّقوى استويا في الدّرجة. سمعتُه يقول ذلك (٣).

وتذاكروا هذه المسألة عند يحيى بن معاذٍ - رحمه الله -، فقال: لا يُوزن غدًا الفقر ولا الغنى، وإنّما يُوزن الصّبر والشُّكر (٤).

وقال غيره: هذه المسألة محالٌ من وجهٍ آخر. وهو أنّ كلًّا من الغنيِّ والفقير لا بدَّ له من صبرٍ وشكرٍ، فإنّ الإيمان نصفان: نصفٌ صبرٌ، ونصفٌ شكرٌ. بل قد يكون قسط الغنيِّ من الصّبر أوفر، لأنّه يصبر عن قدرةٍ، فصبره أتمُّ من صبرِ من يصبر عن عَجْزٍ. ويكون شكر الفقير أتمّ؛ لأنّ الشُّكر (٥) هو استفراغ الوسع في طاعة الله، والفقير أعظم فراغًا للشُّكر من الغنيِّ. فكلاهما لا تقوم قامةُ إيمانه إلّا على ساقَي الصّبر والشُّكر.

نعم، الذي يُحِيل (٦) النّاس من هذه المسألة: فرعًا من الشُّكر، وفرعًا من


(١) شطب عليها في ش.
(٢) ليست في ش، د.
(٣) تكلم شيخ الإسلام على هذه المسألة في مواضع. انظر: «مجموع الفتاوى» (١١/ ١٢٢ - ١٣٢، ١٩٥)، و «مختصر الفتاوى المصرية» (ص ٩٥، ٥٧٢).
(٤) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٨٠).
(٥) «أتم لأن الشكر» ساقطة من ش، د.
(٦) رسمها في ل، ش يحتمل هذه القراءة. والمعنى: أن الناس جعلوا الجمع بين الصبر والشكر محالًا، فأخذوا في الترجيح بينهما. والكلمة ساقطة من د. وفي المطبوع: «يحكي» خلاف الأصول والسياق. و «فرعًا» كذا بالنصب في الأصول، والسياق يقتضي الرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>