للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: شهود ذكْرِه إيّاك. والثّانية: دوام (١) مطالعة أوّليّته. والثّالثة: الفوز بوجوده).

أمّا شهود ذكره إيّاك، فقد تقدّم قريبًا.

وأمّا مطالعة أوّليّته، فهو سبقُه للأشياء جميعًا. فهو الأوّل الذي ليس قبله شيءٌ.

قال بعضهم. ما رأيتُ شيئًا إلّا وقد رأيتُ الله قبله (٢).

فإن قلت: وأيُّ غنًى يحصل للقلب من مطالعة أزلية (٣) الرّبِّ، وسَبْقِه لكلِّ شيءٍ؟ ومعلومٌ أنّ هذا حاصلٌ لكلِّ أحدٍ من غنيٍّ وفقيرٍ، فما وجه الغنى الحاصل (٤) به؟

قلت: إذا شهد القلب سبْقَه للأسباب، وأنّها كانت في حيِّز العدم، وهو الذي كساها حُلّةَ الوجود، فهي معدومةٌ بالذّات، فقيرةٌ إليه بالذّات، وهو الموجود بذاته، والغنيُّ بذاته لا بغيره= فليس الغنى في الحقيقة إلّا به، كما أنّه ليس في الحقيقة إلّا له، فالغِنى بغيره عينُ الفقر، فإنّه غنًى بمعدومٍ فقيرٍ، والفقير كيف يستغني بفقيرٍ مثله؟

وأمّا الفوز بوجوده، فإشارة القوم كلِّهم إلى هذا المعنى، وهو نهاية سفرهم. وفي الأثر الإلهيِّ: «ابنَ آدم، اطلُبْني تجِدْني، فإن وجدتَني وجدتَ كلَّ


(١) «دوام» ليست في ش، د.
(٢) ذكره الغزالي في «مشكاة الأنوار» (ص ٦٣) عن بعضهم.
(٣) كذا في جميع النسخ. وغيّر في المطبوع إلى «أولية».
(٤) «الحاصل» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>