للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مثل هذا قيل (١):

أيُّها العبد كُنْ لما لستَ ترجو ... من صلاحٍ أرجى لما أنت راجي

إنّ موسى أتى ليقبِسَ (٢) نارًا ... من ضياءٍ رآه والليلُ داجي

فانثنى راجعًا، وقد كلَّم اللّـ ... ـه وناجاه وَهْو خير مُناجي

وقوله: (وأبقى منه رسمًا معارًا).

يحتمل أن يريد بالرّسم: البقيّة التي تقدَّمه بها محمّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، ورُفِع فوقه بدرجاتٍ لأجل بقائها معه.

ويحتمل ــ وهو الأظهر ــ أنّه أخذه (٣) من نفسه، واصطنعه لنفسه، واختاره من بين العالمين، وخصّه بكلامه، ولم يُبْقِ له من نفسه إلّا رسمًا مجرّدًا يصحب به الخلقَ، وتجري عليه فيه أحكام البشريّة، إتمامًا (٤) لحكمته، وإظهارًا لقدرته. فهو عاريةٌ معه، فإذا قضى ما عليه استردَّ منه ذلك الرّسم، وجعله من ماله، فتكمَّلتْ (٥) إذ ذاك مرتبة الاجتباء ظاهرًا وباطنًا، حقيقةً ورسمًا، ورجعت العاريَّة إلى مالكها الحقِّ، الذي إليه يرجع الأمر كلُّه. فكما ابتدأتْ منه عادتْ إليه.

وموسى عليه السّلام كان في مظهر الجلال، ولهذا كانت شريعته شريعة


(١) الأبيات بلا نسبة في «الفرج بعد الشدة» للتنوخي (٥/ ٧٤)، و «سراج الملوك» للطرطوشي (ص ٦٦٣)، و «تاريخ دمشق» (٦١/ ٥٦).
(٢) ل: «ليقتبس»، خطأ.
(٣) ش، د: «أخذ».
(٤) في النسخ: «وإتمامًا».
(٥) د: «فتكلمت»، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>