للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} فهذا عدلٌ, {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} فهذا فضلٌ, {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: ٤٠] فهذا تحريمٌ للظُّلم.

وقوله تعالى: {(١٢٥) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} هذا إيجابٌ للعدل وتحريمٌ للظُّلم، {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ} [النحل: ١٢٦] ندبٌ إلى الفضل.

وقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} هذا عدل، {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} تحريمٌ للظُّلم، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} عدلٌ، {وَأَنْ تَصَّدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ} [البقرة: ٢٧٩ - ٢٨٠] فضلٌ.

وكذلك تحريم ما حرّم على الأمة صيانةً وحميةً. حرّم عليهم كلّ خبيثٍ وضارٍّ، وأباح لهم كلَّ طيِّبٍ ونافعٍ. فتحريمه عليهم رحمةٌ، وعلى من قبلهم لم يخلُ من عقوبةٍ. وهداهم لما ضلّت عنه الأمم قبلهم، ووهبَ لهم من علمه وحلمه، وجعلهم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس، وكمّل لهم من المحاسن ما فرَّقه في الأمم قبلهم. كما كمّل لنبيِّهم من المحاسن ما فرّقه في الأنبياء قبله، وكمّل في كتابه من المحاسن ما فرّقها في الكتب قبله، وكذلك في شريعته.

فهؤلاء هم الضّنائن، وهم المجتَبَون، كما قال لهم إلههم: {اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ} [الحج: ٧٨]. وجعلهم شهداء على النّاس، فأقامهم في ذلك مقام الأنبياء الشّاهدين على أممهم. وتفصيلُ تفضيل هذه الأمّة وخصائصها يستدعي سِفرًا بل أسفارًا. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>