للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئيِّ (١) إلى البصر. وهذه هي الخَصِيصة التي اختصّ بها الصّحابة عن سائر الأمّة, وهي أعلى درجات العلماء. قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨] أي أنا وأتباعي على بصيرةٍ. وقيل: {وَمَنِ اتَّبَعَنِي} عطفٌ على المرفوع بأدعو، أي أنا أدعو إلى الله على بصيرةٍ، ومَن اتّبعني كذلك يدعو إلى الله على بصيرةٍ (٢).

وعلى القولين فالآية تدلُّ على أنّ أتباعه هم أهل البصائر الدّاعون (٣) إلى الله. فمن ليس منهم فليس من أتباعه على الحقيقة والموافقة، وإن كان من أتباعه على الانتساب والدّعوة (٤).

وقوله: (وفي إرشادك الحقيقة)، إمّا أن يريد: أنّك إذا أرشدت غيرك تبلغ في إرشاده إلى الحقيقة، أو تبلغ في إرشاد غيرك لك (٥) إلى الحقيقة، ولا تقف دونها.

فعلى الأوّل: المصدر مضافٌ إلى الفاعل، وعلى الثّاني: إلى المفعول. والمعنى: أنّك تكون من أهل الوجود الذين إذا أشاروا لم يشيروا إلّا إلى الغاية المطلوبة التي ليس وراءها مرمى.


(١) د: «المرآة».
(٢) انظر: «البحر المحيط» (٥/ ٣٥٣).
(٣) ل: «الداعين».
(٤) الدعوة هنا بمعنى الادّعاء كما في المعاجم.
(٥) «لك» ليست في ل. وفي ش، د: «غيره ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>