للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نفسِك عبادةَ الله». أو كما قال.

وأما قوله: «ولا يُحمَلا على علّةٍ (١) تُوهِنُ الانقياد».

يريد: أن لا يتأوّل في الأمر والنّهي علّةً تعود عليه بالإبطال، كما تأوّل بعضهم تحريم الخمر بأنّه معلَّلٌ بإيقاع العداوة والبغضاء والتّعرُّضِ للفساد, فإذا أُمِنَ هذا المحذورُ منه أجاز شربَه. كما قيل (٢):

أَدِرْها فما التّحريمُ فيها لِذاتِها ... ولكن لأسبابٍ تضمَّنَها السُّكْرُ

إذا لم يكن سكرٌ يُضِلُّ عن الهدى ... فِسيَّانِ ماءٌ في الزُّجاجة أم خَمْرُ

وقد بلغ هذا بأقوامٍ إلى الانسلاخ من الدِّين جملةً. وقد حمل طائفةٌ من العلماء أن جعلوا تحريمَ ما عدا شراب العنب معلَّلًا بالإسكار، فله أن يشرب منه ما لم يُسكِر.

ومن العلل التي تُوهِن الانقياد: أن يُعلِّل الحكمَ بعلّةٍ ضعيفةٍ لم تكن هي الباعثة عليه في نفس الأمر، فيضعُف انقيادُه إذا قام عنده أنّ هذه هي علّة الحكم. ولهذا طريقةُ القوم عدمُ التّعرُّض لعللِ التّكاليف خشيةَ هذا المحذور.


(١) ش، د: «ولا يحملا عليه».
(٢) البيتان بلا نسبة في «المعجب في تلخيص أخبار المغرب» (ص ٢١٩). والثاني في «الغيث المسجم» (٢/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>