للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البالغة ــ أنّ المرء مع من أحبّ. فيا لها نعمة على المحبِّين سابغة!

تالله لقد سبقَ القومُ السُّعاةَ وهم على ظهور الفُرُشِ نائمون، ولقد تقدَّموا الرّكب بمراحلَ وهم في سيرِهم واقفون.

مَنْ لي بمثلِ سَيْرِك المُدلَّلِ ... تَمشِي رُويدًا وتَجِي في الأوّلِ (١)

أجابوا مؤذِّنَ الشّوق إذ نادى بهم: حيَّ على الفلاح. وبذلوا أنفسَهم في طلب الوصول إلى محبوبهم، وكان بذلُهم بالرِّضا والسّماح. وواصلوا إليه المسيرَ بالإدلاج والغدوِّ والرَّواح. تالله لقد حَمِدوا عند الوصول مَسْراهم، وإنّما يَحمد القومُ السُّرى عند الصّباح (٢).

فحيّهلًا إن كنتَ ذا همّةٍ فقد ... حَدا بك حادِي الشَّوقِ فَاطْوِ المراحلا ... وقلْ لمنادي حبِّهمْ ورضاهمُ ... إذا ما دعا لبَّيكَ ألفًا كَوامِلا ... ولا تنظرِ الأطلالَ من دونهم فإن ... نظرتَ إلى الأطلالِ عُدْنَ حوائلا (٣) ... ولا تنتظِرْ بالسّير رُفْقةَ قاعدٍ ... ودَعْه فإنّ الشّوقَ يكفيك حاملا ... وخذْ منهمُ زادًا إليهم وسِرْ على ... طريقِ الهدى والفقرِ تُصبِحُ واصلا ... وأَحْيِ بذكراهم سُراك إذا وَنَتْ ... رِكابُك فالذِّكرى تُعِيدك عاملا ... وإمّا تَخافنَّ الكَلالَ فقلْ لها ... أمامَك وِردُ الوصلِ فابْغِي المناهلا ... وخذْ قَبَسًا من نورهم ثمّ سِرْ به ... فنورُهمُ يهديك ليس المشاعلا


(١) أنشده المؤلف في «طريق الهجرتين» (٢/ ٥٠٤)، و «مفتاح دار السعادة» (١/ ٢٢٧)، وانظر تعليق المحققين عليه.
(٢) الأبيات الآتية للمؤلف، وقد أوردها في «زاد المعاد» (٣/ ٩٠، ٩١).
(٣) هذا البيت ليس في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>