فتأخَّر أكثر المحبِّين وقام المجاهدون، فقيل لهم: إنّ نفوس المحبِّين وأموالهم ليست لهم، فهَلُمُّوا إلى بيعةِ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ}[التوبة: ١١١].
فلمّا عرفوا عظمةَ المشتري، وفضلَ الثّمن، وجلالةَ من جرى على يديه عقدُ التّبايع= عرفوا قدْرَ السِّلعة، وأنّ لها شأنًا. فرأوا من أعظم الغَبْن أن يبيعوها لغيره بثمنٍ بخسٍ، فعقدوا معه بيعةَ الرِّضوان بالتّراضي من غير ثبوت خيارٍ، وقالوا: والله لا نُقِيلك ولا نَستقيلك.
فلمّا تمّ العقد وسلَّموا المبيعَ، قيل لهم: مُذْ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفرَ ما كانت وأضعافها معًا. {وَلَا تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: ١٦٩ - ١٧٠].