للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووضعوا لمعناها حرفين مناسبين للمسمّى غايةَ المناسبة: «الحاء» التي هي من أقصى الحلق، و «الباء» الشفهية التي هي نهايته. فللحاء الابتداء (١)، وللباء الانتهاء. وهذا شأن المحبّة وتعلُّقها بالمحبوب، فإنّ ابتداءها منه وانتهاءها إليه. وقالوا في فعلها: حَبَّه وأَحبَّه. قال الشّاعر (٢):

فواللهِ لولا تَمْرُه ما حَبَبتُه ... ولا كان أدنى من عُبَيد ومُشرِقِ (٣)

ثمّ اقتصروا على اسم الفاعل من «أحبَّ» فقالوا: محبٌّ، ولم يقولوا: حابٌّ، واقتصروا على اسم المفعول من «حَبَّ»، فقالوا: محبوبٌ، ولم يقولوا: مُحَبٌّ إلّا قليلًا, كما قال الشّاعر (٤):

ولقد نَزلْتِ فلا تَظُنِّي غيرَه ... منِّي بمنزلةِ المُحَبِّ المُكْرَم

وأعطَوا الحُبّ حركة الضّمِّ التي (٥) هي أشدُّ الحركات وأقواها، مطابقةً لشدّة حركة مسمّاه وقوّتها. وأعطَوا الحِبّ ــ وهو المحبوب ــ حركةَ الكسر لخفّتها عن الضّمّة، وخفّةِ المحبوب وذكرِه (٦) على قلوبهم وألسنتهم, مع


(١) ش، د: «نهاية الابتداء».
(٢) البيت لغيلان بن شجاع النهشلي في «الاشتقاق» (ص ٣٨)، و «لسان العرب» و «تاج العروس» (حبب)، وبلا نسبة في «الألفاظ» لابن السكيت (ص ٣٣٨)، و «الزاهر» لابن الأنباري (١/ ٣٣١)، و «أمالي اليزيدي» (ص ٦٥)، و «الخصائص» (٢/ ٢٢٠)، و «جمهرة الأمثال» (٢/ ٢٢٩)، و «خزانة الأدب» (٤/ ١٢٢) وغيرها.
(٣) ل: «مسرف»، تحريف.
(٤) عنترة في معلقته. انظر: «ديوانه» (ص ١٨٧).
(٥) في النسخ: «الذي». وصححها في ل.
(٦) د: «ودورانه».

<<  <  ج: ص:  >  >>