للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآلهتهم، التي يحبُّونها ويعظِّمونها من دون الله.

والثّاني: والّذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله من محبّة المشركين بالأنداد لله. فإنّ محبّة المؤمنين خالصةٌ، ومحبّة أصحاب الأنداد قد ذهبت أندادهم بقسطٍ منها، والمحبّة الخالصة أشدُّ من المشتركة. والقولان مرتّبان على القولين في قوله: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} فإنّ فيها قولين أيضًا (١).

أحدهما: يحبُّونهم كما يحبُّون الله، فيكون قد أثبتَ لهم محبّةً لله، ولكنّها محبّةٌ شرَّكُوا فيها مع الله أندادَهم.

والثّاني: أنّ المعنى يحبُّون أندادهم كما يحبُّ المؤمنون الله. ثمّ بيَّن أنّ محبّة المؤمنين لله أشدُّ من محبّة أصحاب الأنداد لأندادهم.

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يرجِّح القول الأوّل، ويقول (٢): إنّما ذمُّوا بأن شرَّكوا بين الله وبين أندادهم في المحبّة، ولم يخلصوها لله كمحبّة المؤمنين له.

وهذه هي التّسوية المذكورة في قوله تعالى ــ حكايةً عنهم وهم في النّار، أنهم يقولون لآلهتهم وأندادهم وهي مُحضَرةٌ معهم في العذاب ــ: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]. ومعلومٌ أنّهم لم يُسَوُّوهم بربِّ العالمين في الخلق والرُّبوبيّة، وإنّما سَوَّوهم به في المحبّة والتّعظيم.


(١) انظر المصدرين السابقين.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٨/ ٣٥٧ - ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>