للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُفع إلى ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - شابٌّ وهو بعرفةَ قد صار كالخِلال، فقال: ما به؟ قالوا: العشق. فجعل ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - عامّةَ دعائه بعرفة (١) الاستعاذةَ من العشق (٢).

وفي اشتقاقه قولان:

أحدهما: أنّه من العَشَقة، وهي نبتٌ أصفر (٣) يلتوي على الشّجر، فشُبِّه به العاشق.

والثّاني: أنّه من الإفراط.

وعلى القولين فلا يوصف به الرّبُّ تعالى، ولا العبدُ في محبّة ربِّه، وإن أطلقه سكرانُ من المحبّة قد أفناه الحبُّ عن تمييزه، كان في خَفارة صدقِه ومحبّته.

الثّامنة: التّتيُّم، وهو التّعبُّد والتّذلُّل. يقال: تَيَّمه الحبُّ أي ذلَّلَه وعبَّده، وتَيمُ الله: عبد الله. وبينه وبين اليُتْم ــ الذي هو الانفراد ــ تَلاقٍ في الاشتقاق الأوسط، وتناسبٌ في المعنى، فإنّ (٤) المتيَّم منفردٌ بحبِّه وشَجْوه، كانفراد اليتيم بنفسه عن أبيه، وكلٌّ منهما مكسورٌ ذليلٌ. هذا كَسْرُه يُتْمٌ، وهذا كسره تتيُّمٌ.


(١) «بعرفة» ليست في ش، د.
(٢) أخرجه الخرائطي في «اعتلال القلوب» (ص ٣٢٢)، والسراج في «مصارع العشاق» (٢/ ٢١٧)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص ٣٧٣)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٧/ ٢١ - ٢٢، ٢٩/ ١٧٩).
(٣) ل: «أصغر». والعشقة: شجرة اللبلاب.
(٤) «فإن» ليست في د.

<<  <  ج: ص:  >  >>