للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} أي عملتَ عملَ المصدِّق {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} نجزي من بادر إلى طاعتنا، بأن نُقِرَّ عينه، كما أقررنا عينَك بامتثال أوامرنا وإبقاء الولد وسلامته، {إِنَّ هَذَا لَهْوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: ١٠٤ - ١٠٦] وهو اختبار المحبوب لمحبِّه، وامتحانه إيّاه ليُؤثِر مرضاته، فيُتِمّ نعمتَه عليه، فهو بلاء محنةٍ ومنحةٍ عليه معًا.

وهذه الدّعوة إنّما دعا الله بها خواصَّ خلقه، وأهلَ الألباب والبصائر منهم، فما كلُّ أحدٍ يجيب داعيَها، ولا كلُّ عينٍ قريرةٌ بها. وأهلُها هم الذين حصلوا في وسطِ قبضة اليمين يومَ القبضتين، وسائر أهل اليمين في أطرافها.

فما كلُّ عينٍ بالحبيب قريرةً ... ولا كلُّ من نُودِيْ يُجيبُ المناديا (١) ... ومن لم يُجِبْ داعِي هُداك فخَلِّهِ ... يُجِبْ كلَّ من أضحى إلى الغَيِّ داعيا ... وقل للعيون الرُّمْد: إيّاكِ أن تَرَيْ ... سَنا الشّمسِ فاستغشِيْ ظلامَ اللَّياليا (٢)

وسامِحْ نفوسًا لم تَهيَّأْ لحبِّهم ... ودَعْها وما اختارتْ ولا تكُ جافيا ... وقُلْ للّذي قد غابَ يكفي عقوبةً ... مَغِيبُك عن ذا الشّأنِ لو كنتَ واعيا ... وواللهِ لو أضحى نصيبُك وافرًا ... رحمتَ عدوًّا حاسدًا لك قاليا


(١) يبدو أن القصيدة للمؤلف. والبيتان ٣، ٤ منها في «أعلام الموقعين» (٢/ ٣٧٥، ٣٧٦)، والبيت ٣ في «زاد المعاد» (٣/ ٥٠). والأبيات الثلاثة الأخيرة مع خبر في «الرسالة القشيرية» (ص ٦٥٧)، و «مصارع العشاق» (١/ ١٠٩)، و «طريق الهجرتين» (٢/ ٦٨٣). وقد ضمَّنها المؤلف في القصيدة. وبيتان من هذه الثلاثة لامرأة في «الموشى» (ص ١٢٦) و «أخبار النساء» (ص ٦١)، وللمجنون في «المستطرف» (٣/ ٧٦).
(٢) بهامش ش: «ظلاما لياليا».

<<  <  ج: ص:  >  >>