للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {(١٤٢) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٤٣]. وهذا التّكليم غير التّكليم الأوّل الذي أرسله به إلى فرعون، وفي هذا التّكليم الثّاني سأل النّظر لا في الأوّل، وفيه أعطي الألواح، وكان عن مواعدةٍ من الله له. والتّكليم الأوّل لم يكن عن مواعدةٍ، وفيه قال الله له: {يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤] أي بتكليمي لك، بإجماع السّلف. وقد أخبر سبحانه في كتابه أنّه ناداه وناجاه (١)، فالنِّداء من بُعْدٍ، والنِّجاء من قُرْبٍ. تقول العرب: إذا كبرت الحلقةُ فهي نِداءٌ أو نِجاءٌ (٢).

وقال له أبوه آدم عليه السلام في محاجَّته (٣): "أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك التّوراةَ بيده؟ " (٤). وكذلك يقول له أهل الموقف إذا طلبوا منه الشّفاعة إلى ربِّه عزَّ وجلَّ (٥). وكذلك في حديث الإسراء في رؤية


(١) يعني قوله تعالى في سورة مريم: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)}. وانظر: "بدائع الفوائد" (ص ٥١٤).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٤٦٨). وهذا القول من كلام الشعبي أخرجه عنه ابن سعد في "الطبقات" (٦/ ٢٥٤). وكذا ورد فيها وفي "المعرفة والتاريخ" للفسوي (٢/ ٥٩٤)، و"تاريخ أبي زرعة" (١/ ٦٦٢)، و"الجامع" للخطيب (٢/ ٧٩): "نداء" بالنون والدال من غير تفسير أو نصٍّ على الرواية. وفي "شرح السنَّة" (١٣/ ٧٩): "بذاء" بالباء والذال، وفسَّره بالمفاحشة، كما في "تهذيب اللغة" (١٥/ ٢٥)، و"الفائق" للزمخشري (١/ ٩٠)، و"النهاية" (٥/ ٢٦)، و"التكملة" للصغاني (١/ ٧).
(٣) "في محاجته" ساقط من ش.
(٤) أخرجه البخاري (٣٤٠٩) ومسلم (٢٦٥٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) حديث الشفاعة أخرجه البخاري (٤٧١٢) ومسلم (١٩٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>