للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسلَّم لصاحبه أم لا؟ على قولين (١).

فطائفةٌ قالت: لا يُسلَّم لصاحبه، ويُنكَر عليه لما فيه من التّكلُّف والتّصنُّع المباين لطريق الصّادقين. وبناء هذا الأمر على الصِّدق المحض.

وطائفةٌ قالت: يُسلَّم لصاحبه إذا كان قصدُه استدعاء الحقيقة، لا التّشبُّه بأهلها. واحتجُّوا بقول عمر - رضي الله عنه - وقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ يبكيان في شأن أُسارى بدرٍ، وما قبلوا منهم من الفداء: «أَخبِراني ما يُبكيكما؟ فإن وجدتُ بكاءً بكيتُ، وإلّا تباكيتُ» (٢). ورووا أثرًا: «ابْكُوا؛ فإن لم تَبكُوا فتَباكَوْا» (٣).

قالوا: والتّكلُّف والتّعمُّل في أوائل السُّلوك والسّير لا بدَّ منه، إذ لا يُطالَب صاحبه بما يُطالَب به صاحب الحال، وتعمُّلُه بنيّة حصول الحقيقة لمن يرصد الوجد لا يُذَمُّ. و «التّواجد» يكون بما يتكلَّفه العبد من حركاتٍ ظاهرةٍ، و «المواجيد» لما يُنازِله من أحكامٍ باطنةٍ.

المرتبة الثّانية: المواجيد، وهي نتائج الأوراد وثَمراتها.

المرتبة الثّالثة: الوجد، وهو ثمرة أعمال القلوب من الحبِّ في الله


(١) انظر: «الرسالة القشيرية» (ص ٢٤٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٦٣) من حديث ابن عباس عن عمر - رضي الله عنهم -.
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٣٣٧)، وأبو يعلى (٢/ ٥٠)، والبيهقي (٧/ ٢٣١) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -. وإسناده ضعيف. وأخرجه أبو يعلى (٧/ ١٦١، ١٦٢) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -. وفي إسناده يزيد الرقاشي، ضعيف. وقد روي موقوفًا من قول أبي بكر الصديق ومن قول عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، انظر التعليق على «زاد المعاد» (١/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>