(يستفيق له شاهدُ السّمع)، أي يتنبَّه السّمع من سِنَتِه لوروده عليه. وهذا إذا كان المنبِّه له خطابًا من خارجٍ أو من نفسه.
وأمّا (إفاقة شاهد البصر) فلِما يراه ويُعاينه من آيات الله، فينتقل منها إلى ما نصبتْ آيةً له وعليه.
وأمّا (إفاقة شاهد الفكر) فيما يُفتَح له من المعاني التي أَوقعه عليها فِكْرُه وتأمُّلُه.
وهذه الشّواهد الثّلاثة التي دعا الله سبحانه عباده إلى تبيُّنِها، والاستشهاد بها، وقبولِ الحقِّ الذي تشهد به، وترتيبِ حكم هذه الشّهادة عليها، من التّوحيد والإقرار والإيمان. قال تعالى: {يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} [الحج: ٤٦]. وقال: {(٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا} [المؤمنون: ٦٨]. وقال: {(٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ} [محمد: ٢٤]. وقال: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: ١٠١]. وقال: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: ١٩١]. وقال: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى} [الروم: ٨]. وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤]. والقرآن مملوءٌ من هذا.
فإذا استفاقَ شاهدُ السّمع والبصر والفكر وجدَ القلبُ حلاوةَ المعرفة والإيمان، وخرج من جملة النِّيام والغافلين.
قوله: (أبقى على صاحبه أثرًا أو لم يُبقِ)، يعني: أنّ ذلك الوجد العارض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute