للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلبه (١) وسرَّه وظاهرَه وباطنَه للرّسول - صلى الله عليه وسلم -، فاستغنى به عمّا منه (٢).

قال: وكان هذا المحدَّث يَعْرِض ما يُحدَّث به على ما جاء به الرَّسول، فإن وافقه قبله، وإلّا ردَّه. فعُلِمَ أنّ مرتبة الصِّدِّيقيّة فوق مرتبة التّحديث (٣).

قال: وأمّا ما يقوله كثيرٌ من أصحاب الخيالات والجهالات: حدّثني قلبي عن ربِّي، فصحيحٌ أنّ قلبه حدّثه، لكن عمَّن (٤)؟ عن شيطانه، أو عن ربِّه؟ فإذا قال: حدَّثني قلبي عن ربِّي، كان مُسْنِدًا للحديث إلى من لم يعلم أنّه حدَّثه به، وذلك كذبٌ (٥).

قال: ومحدَّث الأمّة لم يكن يقول ذلك، ولا تفوَّه به يومًا من الدّهر، وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك. بل كتب كاتبه يومًا: هذا ما أرى الله تعالى أميرَ المؤمنين عمرَ بن الخطّاب، فقال: لا، امحُه واكتب: هذا ما رأى عمرُ بن الخطَّاب. فإن كان صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأً فمن عمر، واللهُ ورسولُه منه بريءٌ (٦). وقال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله،


(١) في ع بعده زيادة: "كلَّه".
(٢) انظر نحوه في "الجواب الصحيح" (٢/ ٣٨٢)، و"الصفدية" (١/ ٢٥٩)، و"شرح الأصفهانية" (ص ١٧٥)، و"مجموع الفتاوى" (١٧/ ٤٦). وانظر: "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٧٢٦).
(٣) من هنا وقع في بعض النسخ المتأخرة في أول الفصل: "وتكون دون مرتبة الصديقين" بدلًا من "وتكون للصديقين". وانظر: "جامع المسائل" (١/ ٥٧)، و"درء التعارض" (٥/ ٢٨).
(٤) "عمَّن" ساقط من ع.
(٥) وانظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/ ٢١٨)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ٢١٣ - ٢١٤).
(٦) أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٩/ ٢١٤) والهروي في "ذم الكلام" (٢٦٦) والبيهقي (١٠/ ١١٦) وابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٤٨) من طرق عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي الضحى عن مسروق به. وصحح إسناده المؤلف في "أعلام الموقعين" (١/ ١١٤) وابن حجر في "التلخيص الحبير" (٦/ ٣٢٠٢). وقوله: "والله ورسوله منه بريء" لم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>