للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواسطة الخطاب على ألسنة رسله ــ وهذا هو الخطاب الأوَّليّ ــ فصحيحٌ. وإن أراد به خطاب الملك له فليس بخطابٍ أوَّليٍّ. وإن أراد ما يسمعه في نفسه من الخطاب فهو خطابٌ وهميٌّ وإن ظنَّه أوَّليًّا، فإيّاك والأوهام والغرور.

ونحن لا ننكر الوجود، ولا ندفع الشُّهود، وإنّ

ما نتكلّم مع القوم في مرتبته ومَنْشَئه، ومن أين بدأ؟ وإلى من يعود؟ فلا ننكر واعظَ الله في قلب عبده المؤمن (١) الذي يأمره وينهاه، ولكن ذاك في قلب كلِّ مؤمنٍ جعله الله واعظًا له، يأمره وينهاه، ويناديه ويُحذِّره، ويُبشِّره وينذره. وهو الدّاعي الذي يدعو فوق الصِّراط. والدّاعي على رأس الصِّراط كتاب الله. كما في «المسند» والتِّرمذيِّ (٢) من حديث النّوّاس بن سَمْعان - رضي الله عنه - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ضربَ الله مثلًا: صراطًا مستقيمًا، وعلى جنبتَي الصِّراط سُورانِ، وفي السُّورين أبوابٌ مفتّحةٌ، وعلى الأبواب سُتورٌ مُرخاةٌ، وداعٍ يدعو على رأس الصِّراط، وداعٍ يدعو فوق الصِّراط. فالصِّراط المستقيم: الإسلام، والأبواب المفتّحة: محارم الله، فلا يقع أحدٌ في حدٍّ من حدود الله حتّى يكشف السِّتر. والدّاعي على رأس الصِّراط: كتاب الله. والدّاعي فوق الصِّراط: واعظُ الله في قلب كلِّ مؤمنٍ».

فما ثَمَّ خطابٌ قطُّ إلّا من جهةٍ من هاتين: إمّا خطاب القرآن، وإمّا خطاب هذا الواعظ.


(١) «ومن أين بدأ ... المؤمن» ساقطة من ت.
(٢) رواه أحمد (١٧٦٣٤، ١٧٦٣٦)، والترمذي (٢٨٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (١١١٦٩). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه الحاكم (١/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>