للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو سعيد بن الأعرابيِّ: سمعت أبا بكرٍ العطّار يقول: حضرتُ أبا القاسم الجُنيد أنا وجماعةٌ من أصحابنا، وكان قاعدًا يصلِّي، ويَثْنِي رجلَه إذا أراد أن يسجد. فلم يزل كذلك حتّى خرجت الرُّوح من رجليه، فثقلَتْ عليه حركتها، وكانتا قد تورَّمتا. فقال له بعض أصحابه: ما هذا يا أبا القاسم؟ فقال: هذه نِعَمُ الله. الله أكبر. فلمّا فرغ من صلاته قال له أبو محمّدٍ الجريريُّ: يا أبا القاسم، لو اضطجعتَ. فقال: يا أبا محمّدٍ، هذا وقتٌ يؤخذ فيه الله أكبر. فلم يزل ذلك حاله حتّى مات (١).

ودخل عليه شابٌّ وهو في مرضه الذي مات فيه، وقد تورَّم وجهُه، وبين يديه مخدَّةٌ يصلِّي إليها، فقال: وفي هذه السّاعة لا تترك الصّلاة؟ فلمّا سلّم دعاه وقال: هذا شيءٌ وصلتُ به إلى الله، فلا أدَعُه. ومات بعد ساعةٍ (٢).

وقال أبو محمّدٍ الجريريُّ: كنتُ واقفًا على رأس الجنيد في وقت وفاته، وكان يومَ جمعةٍ ويومَ نَيروزٍ، وهو يقرأ القرآن. فقلت له: يا أبا القاسم، ارفُقْ بنفسك، فقال: يا أبا محمّدٍ، أرأيتَ أحدًا أحوجَ إليه منِّي في مثل هذا الوقت، وهو ذا تُطوى صحيفتي؟ (٣).

وقال أبو بكرٍ العَطويُّ: كنت عند الجنيد حين مات، فختم القرآن، ثمّ ابتدأ في ختمةٍ أخرى، فقرأ من البقرة سبعين آيةً، ثمّ مات (٤).


(١) الخبر في «صفة الصفوة» (٢/ ٤٢٢، ٤٢٣)، و «طبقات الشافعية» للسبكي (٢/ ٢٦٢).
(٢) رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٧/ ٢٤٧، ٢٤٨).
(٣) رواه الخطيب (٧/ ٢٤٨). وانظر: «طبقات الحنابلة» (١/ ١٢٩)، و «صفة الصفوة» (٢/ ٤٢٢)، و «طبقات الشافعية» (٢/ ٢٦٦).
(٤) رواه الخطيب (٧/ ٢٤٨)، وأبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٦٤). وانظر: «تاريخ الإسلام» (٦/ ٩٢٤)، و «وفيات الأعيان» (١/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>