للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام أحمد (١): حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا صالحٌ، عن أبي عمران الجَوْنيِّ، عن أبي الجَلْد أنّ الله تعالى أوحى إلى داود: يا داود، أَنذِرْ عبادي الصديقين، فلا يُعْجَبُنَّ بأنفسهم، ولا يتّكلُنَّ على أعمالهم، فإنّه ليس أحدٌ من عبادي أَنصِبُه للحساب وأُقِيمُ عليه عدلي إلّا عذَّبتُه، من غير أن أظلمه. وبَشِّر الخطّائين أنّه لا يتعاظمني ذنبٌ أن أغفره وأتجاوزَ عنه.

قال أحمد (٢): وحدّثنا سيّارٌ، حدّثنا جعفرٌ، حدّثنا ثابتٌ البنانيُّ قال: تعبَّدَ رجلٌ سبعين سنةً، وكان يقول في دعائه: ربِّ اجْزِني بعملي. فمات فأُدخِلَ الجنّة، وكان فيها سبعين عامًا. فلمّا فرغ وقته قيل له: اخرُجْ، فقد استوفيتَ عملك. فقلَّب أمرَه: أيُّ شيءٍ كان في الدُّنيا أوثقَ في نفسه؟ فلم يجد شيئًا أوثقَ في نفسه من دعاء الله والرّغبة إليه. فأقبلَ يقول في دعائه: ربِّ سمعتُك ــ وأنا في الدُّنيا ــ وأنت تُقِيل العثرات، فأَقِلِ اليومَ عَثْرتي. فتُرِك في الجنّة.

قال أحمد (٣): وحدّثنا هاشمٌ، حدّثنا صالحٌ، عن أبي عِمران الجَوْنيِّ، عن أبي الجَلْد قال: قال موسى: إلهي، كيف أشكرك، وأصغرُ نعمةٍ وضعتَها عندي من نِعَمك لا يُجازِيها عملي كلُّه؟ فأوحى الله إليه: يا موسى، الآنَ شكرتَني.

فهذا المعنى الصّحيح من اندراج حظِّ العبوديّة في حقِّ الرُّبوبيّة.


(١) في كتاب «الزهد» (٣٧٦).
(٢) في المصدر السابق (٤٩٩).
(٣) في المصدر السابق (٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>