للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [يونس: ٥٧].

ولا شيء أحقُّ أن يُفرَح به من فضلٍ (١) ورحمةٍ تتضمّن الموعظةَ وشفاءَ الصُّدور من أدوائها والهدى (٢) والرّحمة. فأخبر سبحانه أنَّ ما آتى عباده من الموعظة التي هي الأمر والنهي، المقرون بالتّرغيب والتّرهيب؛ وشفاءِ الصُّدور المتضمِّن لعافيتها من داء الجهل، والظُّلمة (٣)، والغيِّ، والسّفَه، وهو أشدُّ ألمًا لها من أدواء البدن، ولكنّها لمّا ألِفَت هذه الأدواء لم تحسّ بألمها، وإنّما يقوى إحساسُها بها عند المفارقة للدُّنيا، فهناك يحضرها كلُّ مؤلمٍ محزنٍ؛ وما آتاها من (٤) الهدى الذي يتضمّن ثَلَجَ الصَّدر (٥) باليقين، وطمأنينة القلب به، وسكون النّفس إليه، وحياة الرُّوح به؛ والرحمة التي تجلب لها كلّ خيرٍ ولذّةٍ، وتدفع عنها كلّ شرٍّ ومؤلمٍ= فذلك خيرٌ مما (٦) يجمع النّاسُ من أعراض الدُّنيا وزينتها، أي هذا هو الذي ينبغي أن يُفرَح به، ومن فرح به فقد فرح بأجلِّ مفروحٍ به (٧)، لا ما يجمع أهلُ الدُّنيا منها، فإنّه


(١) ش: «فضل الله»
(٢) ر: «بالهدى» والمعنى مستقيم بما أثبت.
(٣) د: «الظلم».
(٤) في ط: «من ربها الهدى» والزيادة ليست في النسخ ولا يحتاجها النص.
(٥) ر: «الصدور».
(٦) ط: «من كل ما».
(٧) «به» ليست في د.

<<  <  ج: ص:  >  >>