للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفرح بالله وبرسوله (١)، وبالإيمان والسُّنّة، وبالعلم والقرآن مِن أعلى مقامات العارفين، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: ١٢٤]. وقال: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [الرعد: ٣٦].

فالفرح بالعلم والإيمان والسُّنّة دليلٌ على تعظيمه عند صاحبه، ومحبّته له، وإيثاره له على غيره، فإنّ فرحَ العبد بالشّيء عند حصوله له (٢) على قدر محبّته له، ورغبته فيه، فمن ليس له رغبةٌ في الشّيء لا يُفرِحه حصوله، ولا يُحْزِنه فواتُه. فالفرح تابعٌ للمحبّة والرّغبة.

والفرق بينه وبين الاستبشار: أنّ الفرح بالمحبوب بعد حصوله، والاستبشار يكون به قبل حصوله إذا كان على ثقةٍ من حصوله. ولهذا قال تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} [آل عمران: ١٧٠].

والفرح صفةُ كمالٍ، ولهذا يوصف الرّبُّ تعالى بأعلى أنواعه وأكملها، كفرحِه بتوبة التّائب أعظم من فرح الواجد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المَهلكة بعد فقْدِه لها واليأس من حصولها (٣).


(١) ت، ر: «ورسوله».
(٢) من ش فقط.
(٣) الحديث في ذلك في البخاري (٦٣٠٨) عن ابن مسعود، و (٦٣٠٩) عن أنس، وفي مسلم (٢٦٧٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنهم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>