للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا، فإنّهم لم يتقيّدوا بعملٍ واحدٍ يجري عليهم اسمُه، فيُعرفون به دون غيره من الأعمال. فإنّ هذا آفةٌ في العبوديّة، وهي عبوديّةٌ مقيّدةٌ، وأمّا العبوديّة المطلقة فلا يُعرف صاحبها باسمٍ معيّنٍ من معاني أسمائها، فإنّه مجيبٌ لداعيها على اختلاف أنواعها، فله مع كلِّ أهل عبوديّةٍ نصيبٌ يضرب معهم بسهمٍ، فلا يتقيّد برسمٍ ولا إشارةٍ، ولا اسمٍ ولا زِيٍّ، ولا طريقٍ وضعيٍّ اصطلاحيٍّ.

بل إن سُئل عن شيخه؟ قال: الرّسول، وعن طريقِه؟ قال: الاتِّباع، وعن خِرْقَتِه؟ قال: لباس التّقوى، وعن مذهبه؟ قال: تحكيم السُّنّة، وعن مقصوده ومطلبه؟ قال: {وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢]، وعن رِباطه وخانكاته؟ قال: {بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: ٣٦]، وعن نسبه؟ قال:

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه ... إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم (١)

وعن مأكله ومشربه؟ قال: ما لك ولها؟ معها حِذاؤها وسِقاؤها تَرِد الماءَ وترعى الشّجرَ حتّى تلقى ربّها (٢).

واحسرتاه تمضّى (٣) العمرُ وانصرمت ... ساعاتُه بين ذلِّ العجز والكسل

والقوم قد أخذوا درب النّجاة وقد ... ساروا إلى المطلب الأعلى على مَهلِ (٤)


(١) اختلف في نسبة البيت، فنسبه في «الكامل» (٣/ ١٠٩٧) و «الشعر والشعراء» (١/ ٥٢٣) إلى نهار بن توسعة، ونُسِب إلى سلمان الفارسي وإلى قُراد بن أقرم.
(٢) مقتبس من حديث ضالة الإبل والغنم في «الصحيحين».
(٣) ت، ر: «تقضى».
(٤) لم أجد البيتين، ولعلهما للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>