وشرحها. ثم قال:«ولصاحب المنازل طريقة أخرى في البصيرة»، ونقل كلامه في تعريفها ودرجاتها وفسَّرها. وهذا أول منزل يشرح ابن القيم كلام الهروي عليه. نعم، قد نقل من قبل في فصل مراتب الهداية كلام الهروي على الإلهام، وعلّق عليه، ولكنه لم يتكلم عليه بصفته منزلًا من منازل العارفين.
- ثم تكلم على منزل القصد على أنه يلي منزل البصيرة. فإذا استحكم القصد صار عزمًا، وعرَّج قليلًا على منزل العزم فذكر نوعين منه، ولكن لم يشرح هنا درجاته. وأشار إلى أن السالك في هذا المنزل يحتاج إلى المحاسبة، وهي قبل التوبة. وذكر تقديم صاحب «المنازل» التوبة على المحاسبة مع توجيه ذلك.
- ثم تكلم على ترتيب المنازل وسبب اختلافهم في ذلك، وما في ترتيبهم من التحكُّم والدعوى منبِّهًا على أنه لا ترتيب كليًّا لازم للسلوك. ثم قال:«فالأولى: الكلام في هذه المقامات على طريق المتقدمين من أئمة القوم كلامًا مطلقًا في كل مقامٍ مقامٍ ببيان حقيقته، وموجبه، وآفته المانعة من حصوله، والقاطع عنه، وذكر عامّه وخاصّه ... ». ثم استدرك بقوله:«ولكن لا بد من مخاطبة أهل الزمان باصطلاحهم، إذ لا قوّة لهم للتشمير إلى تلقي السلوك عن السلف الأول وكلماتهم وهديهم ... ».
ثم قال:«فالأولى بنا: أن نذكر منازل العبودية الواردة في القرآن والسنة ونشير إلى معرفة حدودها ومراتبها، ونذكر لها ترتيبًا غير مستحق بل مستحسن بحسب ترتيب السير الحِسِّي ليكون ذلك أقرب إلى تنزيل المعقول منزلة المشهود بالحس فيكون التصديق أتم ومعرفته أكمل وضبطه أسهل».