للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: قوله تعالى: {(١٥١) فَاذْكُرُونِي} [البقرة: ١٥٢].

ومنها: قوله: «مَنْ ذَكرَني في نفسه ذكرتُه في نفسي، ومن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منه» (١).

ومنها: قوله: «مَن تقرّبَ منِّي شِبرًا تقرّبتُ منه ذراعًا» الحديث.

فالعبد لا يزال رابحًا على (٢) ربِّه أفضلَ ممّا تقرَّب (٣) به له، وهذا المتقرِّب بروحه وقلبِه وعملِه يُفتَح عليه بحياةٍ لا تُشبِه ما النّاس فيه من أنواع الحياة، بل حياة من ليس كذلك بالنِّسبة إلى حياته، كحياة الجنين في بطن أمِّه بالنِّسبة إلى حياة أهل الدُّنيا ولذّتهم (٤) فيها، بل أعظم من ذلك.

فهذا أُنموذجٌ من بيان شرفِ هذه الحياة وفضلها، وإن كان علمُ هذا يوجب لصاحبه حياةً طيِّبةً، فكيف إن (٥) انصبغ القلب به، وصار حالًا ملازمًا لذاته؟ فالله المستعان.

فهذه الحياة هي حياة الدُّنيا ونعيمها في الحقيقة، فمن فقدَها ففقدُه (٦) لحياته الطّبيعيّة أولى به.

هذي حياةُ الفتى فإن فُقِدَتْ ... ففقدُه للحياة أليقُ بِهْ (٧)


(١) ضمن الحديث القدسي الذي سبق قريبًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في هامش ت: «راجيًا إلى».
(٣) ر، ت: «قدمه».
(٤) ت: «وكدّهم».
(٥) ت: «إذا».
(٦) ش، د: «فقده».
(٧) تصرَّف المؤلف فيه، وهو من بيتين بلا نسبة في «العقد» (٢/ ٤٢٣) و «معجم الأدباء» (١/ ١٩) كما يلي:
ما وهبَ الله لامرئ هبةً ... أفضلَ من عقلِه ومن أدبِهْ
هما حياة الفتى فإن فُقِدا ... فإنَّ فقْد الحياة أحسنُ بِهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>