للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّماوات والأرض من (١)

خلقه وعبيده، الذي يملك السّمع والأبصار، ويُخرج الحيّ من الميِّت، ويُخرج الميِّت من الحيِّ، ويدبِّر الأمر، الذي {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} [المؤمنون: ٨٨]، {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢]، المستعان به على كلِّ نائبةٍ وفادحةٍ، والمعهود منه كلُّ برٍّ وكرامةٍ، الذي عَنَتْ له الوجوه، وخَشَعَت له الأصوات، وسبَّحتْ بحمده الأرض والسّماوات وجميع الموجودات، الذي لا تسكنُ الأرواح إلّا بحبِّه، ولا تطمئنُّ القلوب إلّا بذكره، ولا تزكُو العقول إلّا بمعرفته، ولا يُدرَك النّجاحُ إلّا بتوفيقه، ولا تحيا القلوب إلّا بنسيم قربه ولطفه، ولا يقع أمرٌ إلّا بإذنه، ولا يهتدي ضالٌّ إلّا بهدايته، ولا يستقيم ذو أَوَدٍ إلّا بتقويمه، ولا يفهم أحدٌ شيئًا إلّا بتفهيمه، ولا يتخلّص من مكروهٍ إلّا برحمته، ولا يُحفَظ شيءٌ إلّا بكلاءته، ولا يُفتتَح أمرٌ إلّا باسمه، ولا يَتِمُّ إلّا بحمده، ولا يُدرَك مأمولٌ إلّا بتيسيره، ولا تُنال سعادةٌ إلّا بطاعته، ولا حياةٌ إلّا بذكره ومحبّته ومعرفته، ولا طابت الجنّة إلّا بسماع خطابه ورؤيته، الذي وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا، وأوسع كلَّ مخلوقٍ فضلًا وبرًّا.

فهو الإله الحقُّ، والرّبُّ الحقُّ، والملك الحقُّ، والمنفرد (٢) بالكمال المطلق من كلِّ الوجوه، المبرّأ عن النّقائص والعيوب من كلِّ الوجوه، لا يبلغ المُثْنُون وإن استوعبوا جميعَ الأوقات بكلِّ أنواع الثّناء ثناءً عليه، بل ثناؤه أعظم من ذلك، فهو كما أثنى على نفسه.


(١) «من» ليست في ش، د ..
(٢) ت: «المتفرد».

<<  <  ج: ص:  >  >>