للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكرانِ سكرُ هوًى وسكرُ مُدامةٍ ... ومتى إفاقةُ مَن به سُكران

وقال الآخر (١) من أبياتٍ:

[تسقيك من عينها خمرًا ومن يدها ... خمرًا فما لك مِن سُكرَينِ من بدِّ] (٢)

لي سكرتان وللنَّدمان واحدةٌ ... شيءٌ خُصِصتُ به من بينهم وحدي

وفي «المسند» (٣) عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «حبُّك الشيءَ يُعمي ويُصمُّ»، أي: يعمي عن رؤية مساوئ المحبوب، ويصمُّ عن سماع العذل واللَّوم، وإذا تمكَّن واستحكم (٤) أعمى قلبَه وأصمَّه بالكلِّيَّة. وهذا أبلغ من السُّكر، فإذا انضمَّ إلى سكر المحبَّة فرحةُ الوصال قوي السُّكرُ وتضاعف، فيخرج صاحبه عن حكم العقل وهو لا يشعر. وأكثر ما ترى من عربدة العاشق المواصل وتخليطه هو من هذا السُّكر. ولكن لمَّا ألف الناس ذلك واشتركوا فيه لم ينكروه، وإنَّما ينكره من كان خارجًا عنه، فإذا أفاقوا (٥) بين الأموات (٦) علموا حينئذٍ أنَّهم كانوا في سكرتهم يعمهون.


(١) ت، ر: «آخر» بدون لام التعريف. وهو أبو نواس كما في «طبقات الشعراء» لابن المعتز (ص ٧٣).
(٢) هذا البيت تفرَّدت به ر.
(٣) برقم (٢١٦٩٤) من حديث أبي الدرداء، وقد سبق تخريجه (٣/ ٣٧٧) وبيان ضعفه وأن الأشبه فيه الوقف.
(٤) ر: «واستمكن».
(٥) ت: «أقاموا».
(٦) ش، د، ت: «الأبواب»، ثم أُصلح في د.

<<  <  ج: ص:  >  >>