للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز أن يخالَف بين المفسِّر من غير دليلٍ.

السابع: أنَّه سبحانه ذكر في هذه السُّورة الرسولين الكريمين: الملكيَّ والبشريَّ، ونزَّه البشريَّ عن الضلال والغِواية، والملكيَّ عن أن يكون شيطانًا قبيحًا ضعيفًا، بل هو قويٌّ كريمٌ حَسَن الخَلْق. وهذا نظير المذكور في سورة التّكوير سواءً.

الثامن: أنّه أخبر هناك أنَّه رآه بالأفق المبين، وهاهنا أنَّه رآه بالأفق الأعلى، وهو واحدٌ وُصِف بصفتين، فهو مبينٌ وأعلى، فإنَّ الشيء كلَّما علا بانَ وظهر.

التاسع: أنَّه قال: {ذُو مِرَّةٍ}، والمرَّة: الخَلْق الحَسَن المُحكَم، فأخبر عن حُسن خَلْق الذي علَّم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ ساق الخبر كلَّه عنه نسقًا واحدًا.

العاشر: أنَّه لو كان خبرًا عن الربِّ تعالى لكان القرآن قد دلَّ على أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربَّه مرَّتين: مرَّةً بالأفق، ومرّةً عند سدرة المنتهى (١)، ومعلومٌ أنَّ الأمر لو كان كذلك لم يقل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذرٍّ وقد سأله: هل رأيت ربّك؟ فقال: «نورٌ، أنَّى أراه؟!» (٢). فكيف يخبر القرآن أنَّه رآه مرَّتين ثمَّ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنَّى أراه»؟ وهذا أبلغ من قوله: لم أَرَه، لأنَّه مع النفي يقتضي الإخبار عن عدم الرُّؤية فقط، وهذا يتضمَّن النفي وطرفًا من الإنكار على السائل، كما إذا قال لرجلٍ: هل كان كيت وكيت؟ فيقول: كيف يكون ذلك؟!


(١) ت، ر: «السدرة».
(٢) أخرجه مسلم (١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>