للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكينته (١).

وقال لي بعض أصحابنا: ما علامة المعرفة التي تشيرون إليها؟ فقلت له: أنس القلب بالله، فقال لي: علامتها أن يحسَّ بقرب قلبه من الله، فيجده قريبًا منه.

وقال الشِّبليُّ: ليس لعارفٍ علاقةٌ، ولا لمحبٍّ شكوى (٢)، ولا لعبدٍ دعوى، ولا لخائفٍ قرارٌ، ولا لأحدٍ من الله فرار (٣). وهذا كلام جيِّد، فإنَّ المعرفة الصحيحة تقطع من القلب العلائق كلَّها، وتُعلِّقه بمعروفه، فلا يبقى فيه علاقةٌ بغيره، ولا تمرُّ به العلائق إلَّا وهي (٤) مجتازة، لا تمرُّ به مرور استيطانٍ.

وقال أحمد بن عاصمٍ: من كان بالله أعرف كان له أخوف (٥). ويدلُّ على هذا قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أنا أعرفكم بالله، وأشدُّكم له خشيةً» (٦).

وقال آخر: من عرف الله تعالى ضاقت عليه الدُّنيا بسعتها (٧).


(١) هذا والذي قبله ذكرهما القشيري (ص ٦٣٩) عن شيخه أبي عليٍّ الدقَّاق.
(٢) ش، د: «سلوى»، والمثبت موافق لمصدر النقل.
(٣) أسنده القشيري (ص ٦٣٩).
(٤) ش، د: «العلائق ولا هي»، خطأ.
(٥) أسنده المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٧٩١) والقشيري (ص ٦٤١).
(٦) أخرجه البخاري (٦١٠١، ٧٣٠١) ومسلم (٢٣٥٦) من حديث عاشة بلفظ: «إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية».
(٧) «القشيرية» (ص ٦٤١) بلا نسبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>