للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحقيق: أنَّ هذا نزاعٌ لفظيٌّ في تسميةٍ، فالمقصود: إطلاق هذه المضافات (١) عليه سبحانه، ونسبتُها إليه، والإخبارُ عنه بها، منزَّهةً عن التمثيل والتعطيل، سواءٌ سمِّيت صفاتٍ أو لم تسمَّ (٢).

الفرق الثالث: أنَّ النُّعوت ما يظهر من الصِّفات ويشتهر ويعرفه الخاصُّ والعامُّ، والصِّفات أعمُّ، فالفرق بين النعت والصِّفة فرقُ ما بين الخاصِّ والعامِّ. منه (٣) قولهم في تحلية الشيء: نعته كذا وكذا، لِما يظهر من صفاته.

وقيل: هما لغتان، لا فرق بينهما. ولهذا يقول نحاة البصرة: باب الصِّفة، ويقول نحاة الكوفة: باب النعت، والمراد واحد.

والأمر قريبٌ، ونحن في غير هذا، فلنرجع إلى المقصود، وهو أنَّه لا يستقرُّ للعبد قدمٌ في المعرفة ــ بل ولا في الإيمان ــ حتَّى يؤمن بصفات الربِّ جلَّ جلاله، ويعرفَها معرفةً تخرجه عن حدِّ الجهل بربِّه، فالإيمان بالصِّفات ومعرفتُها هو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان. فمن جحد الصِّفات فقد هدم أساس الإسلام والإيمان والإحسان، فضلًا عن أن يكون من أهل العرفان.

وقد جعل الله سبحانه منكر صفاته مسيءَ الظنِّ به، وتوعَّده بما لم يتوعَّد


(١) ر: «الإضافات».
(٢) الذي يظهر من كلام شيخ الإسلام أن نزاع ابن عقيلٍ لم يكن لفظيًّا، بل كان ينحو منحى من أخذ عنهم من المعتزلة في تأويل الصفات الخبرية. انظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ٣٩٧، ١٧/ ١٥٠) و «درء التعارض» (٧/ ٢٦٣، ٨/ ٦٠، ٩/ ١٦٠، ٣٩٥).
(٣) ت، ر: «ومنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>