للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقَه عبثًا، ولا يتركهم سدًى لا يؤمرون ولا ينهون. ولذلك نزَّه نفسَه عن هذا في غير موضعٍ من كتابه، وأخبر أنَّ مَن أنكر الرِّسالة والنُّبوّة وأن يكون أنزَلَ (١) على بشرٍ من شيءٍ، فإنّه ما عرَفه حقَّ معرفته، ولا عظَّمه حقَّ عظمته، ولا قدَره حقَّ قدره؛ بل نسبَه إلى ما لا يليق به، ويأباه حمدُه ومجدُه.

فمَن أعطى الحمدَ حقَّه علمًا ومعرفةً وبصيرةً استنبطَ منه "أشهد أنّ محمّدًا رسولُ الله"، كما يستنبط منه "أشهد أن لا إله إلّا الله"، وعلِمَ قطعًا أنّ تعطيلَ النُّبوَّات في منافاته للحمد كتعطيل صفات (٢) الكمال وكإثبات الشُّركاء والأنداد له (٣).

الثّاني: إثباتُ الإلهية (٤) وكونِه إلهًا، فإنّ ذلك مستلزمٌ لكونه معبودًا مطاعًا. ولا سبيل إلى معرفة ما يُعبد به ويطاع إلّا من جهة رسله.

الثّالث (٥): كونُه ربًّا، فإنَّ الرُّبوبيَّةَ تقتضي أمرَ العباد ونهيَهم، وجزاءَ محسنهم بإحسانه ومسيئهم بإساءته. هذا حقيقة الرُّبوبيّة، وذلك لا يتمُّ إلّا بالرِّسالة والنُّبوّة.

الرّابع: كونُه رحمانًا رحيمًا، فإنَّ كمالَ رحمته أن يعرِّفَ عبادَه نفسَه وصفاتِه، ويدلَّهم على ما يقرِّبُهم إليه ويباعدُهم منه، ويثيبَهم على طاعته


(١) ع: "ما أنزل". يعني: واعتقد أن يكون ....
(٢) لفظ "صفات" من ع وحدها.
(٣) "له" ساقط من ع.
(٤) ش: "الألوهية". وفي ع: "إلهيته".
(٥) ع: "والثالث".

<<  <  ج: ص:  >  >>