للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ يُفتح له حلاوة استماع كلام الله فلا يشبع منه، وإذا سمعه هدأ قلبه به كما يهدأ الصبيُّ إذا أعطي ما هو شديد المحبَّة له. ثمَّ يُفتح له شهودُ عظمة المتكلِّم به وجلاله، وكمال نعوته وصفاته وحكمته، ومعاني خطابه، بحيث يستغرق قلبه في ذلك حتَّى يغيب فيه، ويحسُّ بقلبه قد دخل في عالمٍ آخر (١) غير (٢) ما الناس فيه.

ثمَّ يُفتح له باب الحياء من الله، وهو أوَّل شواهد المعرفة. وهو نورٌ يقع في القلب، يريه ذلك (٣) النُّور أنَّه واقفٌ بين يدي ربِّه عزَّ وجلَّ، فيستحيي منه في خلواته وجلواته، ويُرزق عند ذلك دوامَ المراقبة للرقيب، ودوامَ التطلُّع إلى حضرة العليِّ الأعلى، حتَّى كأنَّه يراه ويشاهده فوقَ سماواته، مستويًا على عرشه (٤)، ناظرًا إلى خلقه، سامعًا لأصواتهم، مشاهدًا لبواطنهم. فإذا استولى عليه هذا الشاهد غطَّى عليه كثيرًا من الهموم بالدُّنيا وما فيها، فهو في وجودٍ والناس في وجودٍ آخر، هو في وجودٍ بين يدي ربِّه ووليِّه، ناظرًا إليه بقلبه، والناس في حجاب عالم الشهادة في الدُّنيا، فهو يراهم وهم لا يرونه، ولا يرون منه إلَّا ما يناسب عالمهم ووجودهم.


(١) هذا آخر ص ٢٥٧ من نسخة ت، وقد سقطت بعدها صفحتان (٢٥٨، ٢٥٩) من التصوير.
(٢) «غير» ساقطة من ش. واستُدركت في د بخط مغاير.
(٣) «ذلك» ساقط من ش، د.
(٤) «فوقَ سماواته، مستويًا على عرشه» ضرب عليه بعضهم في ش بحيث لا يظهر معه الكلام البتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>