للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الانقسام ضروريٌّ بحسب انقسامهم في معرفة الحقِّ والعمل به إلى عالمٍ به عاملٍ بموجَبه وهم أهل النِّعمة، وعالمٍ به معاندٍ له وهم أهل الغضب، وجاهلٍ به وهم الضّالُّون. وهذا الانقسام (١) إنّما نشأ بعد إرسال الرُّسل، فلولا الرُّسلُ لكانوا أمّةً واحدةً. فانقسامُهم إلى هذه الأقسام مستحيلٌ بدون الرِّسالة، وهذا الانقسام ضروريٌّ بحسب الواقع، فالرِّسالةُ ضروريّةٌ.

وقد تبيَّن لك بهذه الطّريق وبالتي قبلها تضمُّنُها (٢) للرّدِّ على من أنكر المعاد الجسمانيّ وقيامة الأبدان، وعرفتَ اقتضاءها ضرورةً لثبوت الثّواب والعقاب والأمر والنّهي. وهو الحقُّ الذي خُلِقت به وله السّماوات والأرض والدُّنيا والآخرة، وهو مقتضى الخلق والأمر، ونفيُه نفيٌ لهما.

فصل

وإذا (٣) ثبتت النُّبوّات والرِّسالة ثبتت صفة التّكلُّم والتّكليم. فإنَّ حقيقة الرِّسالة تبليغ كلام المرسل، فإذا لم يكن ثَمَّ (٤) كلامٌ فماذا يبلِّغ الرّسول! بل كيف يُعقَل كونُه رسولًا! ولهذا قال غير واحدٍ من السّلف: من أنكر أن يكون الله متكلِّمًا وأن يكون القرآن كلامه، فقد أنكر رسالة محمّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، بل ورسالةَ جميعِ الرُّسل التي حقيقتُها تبليغُ كلام الرَّبِّ تبارك وتعالى (٥). ولهذا قال منكرو رسالته - صلى الله عليه وسلم - عن القرآن: {فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ البَشَرِ}


(١) العبارة: "ضروري ... الانقسام" ساقطة من ش لانتقال النظر.
(٢) ع: "بيان تضمنها"، وهو خطأ.
(٣) ع: "إذا" دون الواو قبلها.
(٤) ع: "ثمة".
(٥) تقدَّم في (ص ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>