للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ــ وأشار إلى صدره ــ: إنّ هاهنا علمًا جَمًّا، لو أصبتُ له حملةً (١). وقال عبد الله بن مسعودٍ: أخذتُ من فِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورةً، وإنّ زيدًا ليلعب مع الغلمان (٢). وقال أيضًا: ما من كتاب الله آيةٌ إلّا وأنا أعلم أين نزلت؟ وماذا أريد بها؟ ولو أعلم أنّ أحدًا أعلم بكتاب الله منِّي تبلغه الإبل لرحلت إليه (٣). وقال بعض الصّحابة: لأَنْ تختلف فيَّ الأسنَّةُ أحبُّ إليَّ من أن أحدِّث نفسي في الصلاة بغير ما أنا فيه (٤). وهذا أكثر من أن يُذكر.

والصادق تختلف عليه الأحوال، فتارةً يبوح بما أولاه ربُّه، ومنَّ عليه به، لا يطيق كتمان ذلك، وتارةً يُخفِيه ويكتمه، لا يطيق إظهاره، وتارةً يقبض، وتارةً يبسط وينشط، وتارةً يجد لسانًا قائلًا لا يسكت، وتارةً لا يقدر أن ينطق بكلمةٍ، وتارةً تجده ضاحكًا مسرورًا، وتارةً باكيًا حزينًا، وتارةً يجد جمعيّةً لا سبيلَ للتّفرقة عليها، وتارةً تفرقةً لا جمعيَّةَ معها، وتارةً يقول: واطرباه! وأخرى يقول: واحُزناه! بخلاف من هو على لونٍ واحدٍ لا يوجد على غيره، فهذا لونٌ والصّادق لونٌ.


(١) رواه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٧٩)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١/ ١٨٢) وغيرهما، وإسناده ضعيف، وروي من طرق أخرى ضعيفة. قال ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (٢/ ٩٨٤): هو حديث مشهور عند أهل العلم، يستغني عن الإسناد لشهرته عندهم.
(٢) روى البخاري (٥٠٠٠) الجزء الأول منه. وهو بتمامه عند النسائي (٥٠٦٤).
(٣) رواه مسلم (٢٤٦٣).
(٤) رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٦/ ٢٣) عن عامر بن قيس - رحمه الله -. وأورده الغزالي في «الإحياء» (١/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>