للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّوح، ومن شأن كلِّ شكلٍ أن يميل إلى شكله، ومن طبع كلِّ مِثْلٍ أن ينجذب إلى مِثله= صار (١) الإنسان ينجذب إلى العالم الطّبيعيِّ بما فيه من الكثافة، وإلى العالم الرُّوحانيِّ بما فيه من اللّطافة؛ فصارت في الإنسان قوّتان متضادّتان إحداهما: تجذبه سفلًا، والثّانية: تجذبه علوًا. فمن شخص عن طبيعة الماء والطِّين إلى محلِّ الأرواح العلويّة التي ليست من هذا العالم السُّفليِّ كان من أهل هذا الجمع المحمود الذي جمعه عن متفرِّقات النّفس والطّبع.

قوله: (بعد صحّة التمكين، والبراءة من التلوين، والخلاص من شهود الثنويّة). معناه: أنّ العبد لا يمكنه أن يشخص عن الماء والطِّين إلّا بعد صحّة تمكُّنه في المعرفة، وبراءته من التلوين. فشرَطَ الشيخُ حصولَ التّمكين له، وانتفاءَ التلوين عنه، وخلاصَه من شهود الثنويّة.

فالتلوين: تلوُّنه (٢) لإجابة دواعي الطّبع (٣) والنّفس. وشهودُ الثنويّة: عبارةٌ مجملةٌ محتملةٌ، وقد حملها الملحد (٤) على أنّه يشهد (٥) عبدًا وربًّا، وقديمًا وحادثًا، وخالقًا ومخلوقًا. والتّوحيد المحض: أن يتخلّص من ذلك بشهود وحدة الوجود، ومتى شهد تعدُّدَ الوجود كان ثنويًّا عند الملاحدة.


(١) كذا وقع في النسخ فزيد في بعض الطبعات في أول الفقرة: «لمَّا» ليكون فعل «صار» جوابها.
(٢) ش، د: «يلوِّنه».
(٣) ت: «داعي الطبع».
(٤) انظر: «شرح التلمساني» (٢/ ٥٩٦) ولفظه: «أي يرفع مع وجود الحق وجودًا لسواه».
(٥) في ش، د بعده زيادة: «عبد».

<<  <  ج: ص:  >  >>