للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم أعظم الطّوائف تكلُّفًا، وأقلُّهم تحصيلًا للعلم النّافع والعمل الصّالح.

وكذلك المتكلِّفون من أصحاب الإرادة والسُّلوك وأرباب الحال والمقام والوقت والمكان، والبادي والباده والوارد والخاطر والواقع والقادح واللّامع، والغيبة والحضور، والمحو والمَحْق (١) والسَّحْق، والسُّكر والصَّحْو، واللّوائح والطَّوالع، والعطَش والدَّهش، والتّلبيس، والتّمكين والتّلوين، والاسم والرّسم، والجمع وجمع الجمع وجمع الشّواهد وجمع الوجود، والأثر والكون والبون (٢)، والاتِّصال والانفصال، والمسامرة والمشاهدة والمعاينة، والتّجلِّي والتحلِّي والتّخلِّي، وأنا بلا أنا، وأنت بلا أنت، ونحن بلا نحن، وهو بلا هو (٣).

وكلُّ ذلك أدنى إشارةٍ إلى تكلُّف هؤلاء الطّوائف وتنطُّعهم. وكذلك كثيرٌ من المنتسبين إلى الفقه، لهم مثلُ هذا التّكلُّف أو أعظَمُ منه.

فكلُّ هؤلاء محجوبون بما لديهم، موقوفون على ما عندهم. خاضوا بزعمهم بحارَ العلم، وما ابتلَّت أقدامُهم. وكدُّوا أفكارَهم وأذهانَهم وخواطرَهم، وما استنارت بالعلم الموروث عن الرُّسل قلوبُهم وأفهامُهم! فرحين بما عندهم من العلوم، راضين بما قُيِّدوا به من الرُّسوم. فهم في وادٍ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه - رضي الله عنهم - في وادٍ! والله يعلم أنّا لم نتجاوز فيهم


(١) ش: «الحق»، تحريف.
(٢) ت: «النور»، تحريف.
(٣) راجع لتفسير المصطلحات المذكورة: «اللُّمع» للطوسي (ص ٣٣٣ - ٣٧٤) و «لطائف الإعلام» للقاساني و «موسوعة مصطلحات التصوف» ط مكتبة لبنان ناشرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>